هل فقدنا حس الوطنية، هل تلاشى انتماؤنا للسودان؟ أود فتح موضوع يتخفى خلف أقنعة من "المشغولية، العمل، متابعة الرزق، الجري وراء لقمة العيش" وما يشبه من أعذار وتبريرات، وهو حيوي وله انعكاسات سلبية على حياتنا ومستقبل أبنائنا. ولأبدأ بنظرة عامة عن القنوات الفضائية ومدى اكتراثنا بالغث الذي تبثه علينا وعلى .أجيالنا القادمة التي ما تعبنا إلا لها ولرفاهيتها وإسعادها كم عدد قنواتنا الفضائية السودانية، سواء التي تبث من داخل الوطن أو تلكم المتناثرة خارجه؟ لعل الإجابة بسيطة جدا، إذ ما علينا سوى .التذكر والعد، وقد أحصيت ثلاثة وعشرين عددا، غير تلك التي لا أعرف أو الجديدة التي لم أسمع عنها إذن ومع هذا العدد الوفير، فكم هي تلك التي تتصف بصفة الوطنية والتقيد ببث المواضيع التي تمجد السودان وناسه وأرضه، وتحي انتماءنا لأجدادنا الذين صنعوا عظمتنا، تلك التي لا تستعين، لأي سبب كان، ولا تملأ ساعات بثها ببرامج ومواضيع أجنبية لا تمت للسودان بصلة، ولا تمس شعبه وأهله ولا تعكس تراثه وحضارته، حتى ولا أقل القليل؟ كل القنوات التي أعرف تبث مواضيع وبرامج أجنبية، أفلام سورية تتحدث عن حارات وأزقة لا نعلم عنها شيئا، ولا هي من تاريخنا التليد، ومسلسلات مصرية تحدثنا عن مخدرات وجرائم وخيانات يموج بها مجتمعهم، وثالثة الأثافي أغنيات عربية وخليجية ليس بها ما يجعلنا نتابع نغماتها إلا عجبا، وأنا أحطت علما بما يسميه أهل الإعلام "التبادل البرامجي"، وأنا أسميه "الهراء ... الهراء"، فلكي نحقق معنى كلمة "تبادل" لابد من أن يكون هناك تبادل حقيقي، أي لكي أبث ما تنتج، لابد أن تبث ما أنتج، وهذا غير واقع في الحقيقة، فليس هنالك قناة فضائية من كل قنوات العالم العربي الكثيرة المنتشرة دون رقيب، تبث، ولو بعد كل حين، وأعني بالحين هنا بعد كل خمس سنوات أو ما يشبه، ليس هنالك من .قناة تبث شيئا عن السودان، ناهيك عن برنامج أو مسلسل أو أغنية لن أتطرق للإجابة على من لا يوافقني الرأي، فلا أحد يستطيع أن ينكر ما هو حاصل بالفعل. أما من يوافقني فقد يقول أن هذا خطأنا، إذ ليس لدينا ما نعطي مقابل ما نأخذ، فنحن فقراء في إنتاجنا، ضعفاء في مخرجاتنا، ليس لدينا هذا الكم الهائل من منتجات الشعوب الأخرى، والأدهى .والأمر أن هنالك قول بعضهم، أنهم قد سبقونا، ويجب أن نستفيد من معرفتهم ما رأيكم أعزائي؟ هل هذا الموضوع يستحق التطرق له؟ وهل يسوى النقاش حوله، والحديث عنه؟ لي رأي وأجوبة حول ما طرحت من تساؤلات، ولكني أفتح الباب لمن أراد الخوض في هذا الموضوع الحيوي، فالحفاظ على الثقافة والحضارة .وتنميتهما لا يكون دون امتلاك حس وطني قوي، ربما قد بدأنا نفقده